هل يستطيع سائق القطار أن يسوق القطار وحده؟
هل يستطيع سائق القطار أن يسوق القطار وحده؟
بمعنى آخر ... هل يستطيع السائق أن يغير اتجاه سير القطار؟
والإجابة هي: لا، وإنما يظل القطار "مقيدا" باتجاه القضبان التي يسير عليها، ومهمة السائق هنا فقط هي أن يسير بالقطار على هذه القضبان في الاتجاه الذي وُضع فيه، حتى إذا احتاج السائق أن يغير اتجاهه فإنه لابد أن يتم وضع القطار أولا على قضبان أخرى لها هذا الاتجاه الجديد!
قد يكن من الغريب أن تكتشف أن العقل يعمل بنفس الأسلوب ... أسلوب القطار والسائق!
فالعقل مهمته في التفكير هي أن يفكر في اتجاه "القضبان" التي يتم وضعه عليها، ويظل العقل مقيدا باتجاه هذه القضبان حتى يتم وضعه على قضبان أخرى لها اتجاه مختلف.
فمثلا يمكنك أن تلاحظ جلسة شباب يقومون بالتفكير في مميزات صديق لهم، فتجد كلا منهم يقول ميزة يعرفها عنه، فأحدهم يقول إنه طيب القلب، وآخر يقول إنه على أخلاق عالية، وثالث يقول: عنده شهامة ... حتى إذا بدأ الحديث يتجه إلى ذكر عيوب هذا الصديق تجد كلا منهم أيضا يستخرج ما عنده من عيوب يعرفها عن هذا الشخص! ... فأحدهم يقول إنه بخيل وآخر يقول إنه يائس دائما، وثالث يقول: أناني ... وهكذا!
كيف يستطيع العقل أن يقوم بتغيير تفكيره بهذا الشكل المعاكس؟
كل ما في الأمر أنه تم وضع العقل على قضبان أخرى غير القضبان التي يسير عليها!
وهذا ما تسميه البرمجة اللغوية العصبية بـ "الأطر الذهنية" أو "mind frames"
كلنا لا شك نقابل مشاكل وعقبات في حياتنا كل يوم، وتختلف قدرات كل منا في حل مشاكله، ومن أهم العوامل التي تؤثر في كيفية تعاملنا مع هذه المشاكل والعقبات هي "الإطار" الذي نتخذه للتعامل مع هذه المشكلة.
فبعض الناس يتخذون "إطار المشكلة" ... فيظلون يفكرون في أسباب المشكلة ونتائج المشكلة وأطراف المشكلة وبالتالي لا يصلون إلى حل!
لأنهم ببساطة وضعوا عقلهم على "قضبان المشكلة" .... فيظل عقلهم مقيدا بهذه القضبان، لأنه مثل القطار مهمته فقط أن يسير على القضبان التي يوضع عليها.
لذلك قامت البرمجة اللغوية العصبية باقتراح بعض "الأطر" أو "القضبان" التي يمكنك أن تضع عقلك عليها لاتخاذ أشكال أخرى من التفكير الإيجابي.
ومن أقوى وأبسط هذه "الأطر" ما يسمى بإطار "كما لو".
يساعد هذا الإطار في اكتشاف حلول جديدة لمشاكلك عن طريق التفكير فيها "كما لو أنك قمت بحلها".
فمثلا إذا وقعت في مشكلة ما (مثل مادة دراسية لا تستطيع التعامل معها، أو خصومة مع شخص تريد مصالحته، أو قرار لا تستطيع اتخاذه في عملك) جرب أن تتخيل نفسك في المستقبل "كما لو" أنك قمت بحل هذه المشكلة فعلا، ثم انظر للخلف واسأل نفسك: ما هي الخطوات التي اتخذتها لحل هذه المشكلة؟
هذه الطريقة البسيطة في التفكير تجعلك ترى الأمور من وجهات مختلفة لم يكن يراها عقلك عندما كان مقيدا بإطار المشكلة.
لا يتخذ إطار "كما لو" شكل الوقت فقط، وإنما يتخذ أربعة أشكال مختلفة:
1- تغيير الوقت: افترض "كما لو" أنك بعد ستة أشهر أو سنة قد انتهيت من حل هذه المشكلة، ثم انظر للماضي واسأل نفسك: ما هي الخطوات التي اتخذتها لكي أصل إلى هذا الحل؟
2- تغيير الأشخاص: افترض "كما لو" أن شخصا آخر غيرك هو الذي وقع في هذه المشكلة، فكيف كان سيتمكن من حلها؟
3- تغيير المعلومات: افترض "كما لو" أنك تمتلك كل المعلومات الكافية لحل هذه المشكلة، فما هي الخطوات التي ستتخذها لحل هذه المشكلة؟
4- تغيير الظروف: افترض "كما لو" أنك تستطيع تغيير ظرف من الظروف التي تحيط بهذه المشكلة، فكيف سيكون تصرفك في هذه الحالة؟
كما قلت هذا الإطار يساعدك على التفكير بشكل مختلف، يساعدك على وضع عقلك على قضبان جديدة ليسير عليها ويكتشف حلولا جديدة لم يكن يعرفها من قبل.
يمكن استخدام هذا الإطار في أي مجال من المجالات الحياتية سواء في الدراسة أو العمل أو تكوين العلاقات غيرها للوصول دائما إلى حلول وأفكار جديدة للتعامل مع ظروف الحياة المختلفة.
0 التعليقات: