كيف تستفيد من التميه الذاتيه؟

questionsمن خلال احتكاكي بمجال التنمية الذاتية منذ حوالي 5 سنوات، وجدت الكثير من التخبط وعدم الوضوح عند كثير من المهتمين بهذا المجال سواء على مستوى المتدربين أو على مستوى المدربين أنفسهم!

فالمتدرب لا يعرف كيف يستفيد ... حضر لبعض المدربين واستفاد بشكل كبير، وحضر للبعض الآخر ولم يستفد شيئا ... قرأ بعض الكتب فوجدها تساوي ذهبا، وقرأ البعض الآخر فوجدها لا تستحق ثمن حبرها ... فلماذا استفاد هنا ولم يستفد هناك؟ وما الفرق بين هذا وذاك؟ ومتى يستفيد وكيف يستفيد؟

أما المدربون فبعض المدربين لا يعرفون ماذا يقدمون، ولا ماذا عليهم أن يقدموا، وما هو تخصصهم بالضبط؟


في هذا المقال بإذن الله سأحاول توضيح بعض هذه الأمور الهامة، ولن يكون هذا المقال الوحيد، وإنما ستكون بإذن الله سلسلة مقالات الغرض منها التوعية تجاه هذا المجال الهام.


فإن كنت مهتما باستثمار وقتك ومالك في استفادة حقيقية، فأرجو أن تنتبه لهذه النقاط الهامة التي سأوضحها لأنها ستفرق معك كثيرا بإذن الله تعالى.


مبدئيا؛ التنمية الذاتية (أفضل كلمة ذاتية عن بشرية) ليست علما محددا وإنما هي مصطلح يضم مجموعة من العلوم والمهارات التي تساعدك على الارتقاء بذاتك وتحسين مستوى آدائك في الحياة بشكل عام، وقد أفردت مقالا عن هذه النقطة بعنوان: حوار صحفي حول التنمية البشرية، يمكنك مراجعته.


ويتم تقديم هذه العلوم والمهارات التنموية من خلال المحاضرات والدورات التدريبية والكتب في ثلاث صور رئيسية:

1- مباديء وقواعد.

2- مهارات.

3- تقنيات.


وسأتكلم عن كل نقطة بالتفصيل


1- المباديء والقواعد.

هذه المباديء والقواعد بعضها مبني على علوم أو دراسات معينة مثل: البرمجة اللغوية العصبية، والدراسات المتعلقة بالذاكرة، وبعض العلوم الإدارية.

وبعضها مبني على خبرات حياتية وحكم ونصائح عامة ولا تنتمي لعلم محدد.


المحفز الشهير: أنتوني روبينز
والذي يقتصر على تقديم هذه المباديء والقواعد بدون أن يعلمك تطبيقاتها يسمى غالبا بـ "متحدث تحفيزي".

هذا المتحدث التحفيزي يقوم بخلط مجموعة من هذه المباديء والقواعد العامة بهدف أن يحفزك ويعلي همتك ويعطيك بعض التنبيهات الهامة ويفتح لك بعض الأبواب للتغيير للأفضل؛


فمثلا يكلمك عن أهمية التفاؤل، أو أهمية التحكم في المشاعر، أو تحقيق الأهداف .. إلخ، فتخرج من عنده بهمة عالية وحب للتغيير، إلا أنه في نفس الوقت لا يعطيك المهارات والتطبيقات العملية التي تساعدك على تحقيق هذا التغيير الذي كلمك عنه.


لذلك تجد بعض المهتمين الذين تقتصر علاقتهم بالتنمية الذاتية على هذه "المحاضرات التحفيزية" يشتكون من عدم استفادتهم بالشكل الذي كانوا يتخيلونه، أو أنهم لم يتعلموا شيئا جديدا، وبعضهم يحكم على مجال التنمية الذاتية كله بأنه مجال غير مفيد.


وعلى النقيض تجد بعض المدّعين يدّعي أنه على اهتمام كبير بالتنمية الذاتية، وإذا سألته: ماهو مدى اهتمامك؟ تفاجأ بقوله إنه حضر محاضرات كثيرة للمتحدث التحفيزي الفلاني!


فكما قلنا إن هذه المحاضرات ليس الهدف منها تعلم علم أو تطبيقات معينة وإنما الهدف منها التحفيز، وهذا شيء مطلوب بلا شك، ولكنه مجرد جزء بسيط من التنمية الذاتية ولا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل.


2- المهارات.

المباديء والقواعد التي تكلمنا عنها منذ قليل، إذا كانت تنتمي لدراسات أوعلوم معينة فإنها ينتج عنها "مهارات" و "تقنيات".

وهذه هي مهمة "المدرب" وليس "المتحدث التحفيزي"، حيث يقوم المدرب بتدريس علم أو فرع من علم معين ومن ثَم يدربك على بعض المهارات التي نتجت من تطبيق هذه المباديء والقواعد في سياقات حياتية معينة.


فمثلا يكلمك المدرب عن القراءة السريعة؛ ما هي؟ وكيف اكتُشفت؟ وما هي الدراسات التي بنيت عليها؟ ثم يدربك على استخدام مهارة القراءة السريعة وإتقانها.

أو يكلمك عن مهارات الاتصال، وتطبيقات البرمجة اللغوية العصبية فيها، ثم يدربك على كيفية استخدام هذه المهارات في التواصل مع الناس وإقامة علاقات قوية معهم.


هذه المهارات بعضها لا يحتاج إلى ورش عمل، والبعض لابد أن تتدرب عليه في ورشة عمل حتى تتقنه.


3- التقنيات.

وهذه التقنيات مما اشتهرت به البرمجة اللغوية العصبية؛ حيث عرّف باندلر (أحد مؤسسي البرمجة) البرمجة بقوله: "طريقة منهجية في استكشاف النفس البشرية، نتج عنها مجموعة من التقنيات"


والفرق بينها وبين المهارات، أن المهارات تطبقها أثناء احتكاكك بالحياة، وتزود من كفاءة شيء أنت تفعله بالفعل، فمثلا أنت تتواصل مع الناس يوميا، ولكنك تتعلم مهارات لتحسن هذا التواصل.


أما التقنيات فهي مجموعة من الخطوات التطبيقية التي تطبقها لتؤدي إلى تعديل معين؛ فمثلا تقدم لك البرمجة اللغوية العصبية تقنيات في التخلص من الذكريات السلبية، أو التحكم في الحالة النفسية، أو تغيير سلوك أو عادة تفعلها، أو تغيير اعتقاد سلبي تعتقده عن نفسك (مثل أنا ضعيف الحفظ أو بطيء الاستيعاب) ، أو برمجة هدف معين في عقلك ... إلخ


هذه التقنيات تحتاج إلى تطبيقها بشكل معين في جلسة واحدة فتحصل على نتيجتها.


فمثلا تغيير المعتقدات السلبية، تقنية تنفذها بنفسك أو ينفذها لك ممارس برمجة، وبعد أن تطبقها يسألك عن الاعتقاد السلبي الذي كنت تعتقده، فتكتشف أنه قد تغير بالفعل!


لذلك تجد بعض المدربين -وأنا منهم- يضمن لك نتائج الدورة التدريبية التي يقدمها، حيث يقدم لك في الدورة بعض التقنيات التي تحصل من خلالها على النتيجة التي وعدك بها، وهذا هو سر قوة البرمجة اللغوية العصبية.


وسأقوم بإذن الله تعالى بإفراد مقال قادم مستقل عن البرمجة اللغوية العصبية وأهميتها وقوة تطبيقاتها.


إذاً ... هذه هي خلاصة ما تقدمه لك التنمية الذاتية، وهي اختصارا:

1- مباديء وقواعد عامة: مبنية إما على علوم ودراسات أو على نصائح عامة، وإذا خلت من التطبيقات فهي مجرد تحفيز يقدمه متحدث تحفيزي.

2- مهارات: مبنية على هذه القواعد، تستخدمها لتطور من شيء تفعله في حياتك.

3- تقنيات: مجموعة من الخطوات، تنفذها لتحصل على نتيجة معينة.


أتمنى أن تكون الأمور الآن قد اتضحت بشكل أفضل، وبدأت تعرف -كمتدرب- كيف تستفيد ومتى تستفيد من التنمية الذاتية، أما إخواني من الذين يرغبون في احتراف التدريب في هذا المجال، فأرجو أن أكون قد قدمت شيئا مفيدا يوضح لهم الطريق.

وكما قلت إن هذا المقال لن يكون المقال الأخير بإذن الله في هذا الأمر.


وفي انتظار أي استفسارات أو أسئلة حول النقاط المطروحة.


0 التعليقات: