الأفلام والأغاني ... ودورهما في برمجة العقل

وبينما أنت تستمتع الآن بالاسترخاء والهدوء التام دعنا نستمع إلى المرأة العجوز وهي تحكي حكاية الصياد الذي ذهب إلى الصيد قبل طلوع الفجر وكان معه جراب من الحجارة التي ظل يتسلى برميها في البحر وهو يصطاد حتى إذا أشرقت الشمس ولم يتبق معه إلا حجر واحدة، اكتشف أن هذه ليست حجارة عادية وإنما هي نوع من الأحجار الكريمة، فقال لنفسه: ما مضى مضى، وعليّ أن أستغل هذا الحجر الباقي فيما ينفعني.

كان هذا ببساطة نموذجا تنويميا كان يستخدمه المنوم الإيحائي الشهير: ميلتون إريكسون، حيث كان يعتمد في هذا الأسلوب على خاصية هامة للعقل وهي: الإسقاط

وفكرته أن العقل عندما يكون في حالة من الاسترخاء الشديد فإنه يدخل في حالة تسمى أحيانا بـ(الغشية) التي يكون فيها في أشد حالاته تعلما من القصص.


حيث يميل العقل إلى إسقاط معظم الرموز الموجودة في القصة على واقعه الخاص ... فيضع نفسه مكان هذا الصياد، ويضع إمكانياته مكان هذه الأحجار الكريمة، فيتعلم أنه وإن كان ضيع على نفسه بعض الفرص والإمكانيات في فترات غفلة، فإنه يستطيع أن يستغل ما تبقى ليحقق به أهدافه.


وهذا بالضبط ما يحدث لك عندما تشاهد فيلما أو تتابع مسلسلا أو تستمع إلى أغنية...

ففي ذروة اندماجك مع الفيلم أو الأغنية يدخل عقلك في حالة الـ(الغشية)، ومع وجود القصة في الفيلم أو الأغنية يبدأ العقل في التعلم وإسقاط الرموز الموجودة في هذه القصة على واقعه!!


هل تخيل خطورة وقوة هذا الأمر!؟


فمثلا لو أنك شاهدت فيلما حدثت فيه مشكلة ما وتصرف معها البطل بشكل معين، فإنك إن وقعت في نفس المشكلة فإن أول حل يتجه إليه عقلك هو الحل الذي تعلمه من الفيلم!


وعندما تستمع إلى أغنية مثلا تتكلم عن الخيانة، فإن عقلك يحاول البحث في واقعه عما يوافق هذه الأغنية ليقوم بإسقاطها على الواقع، ثم يعيش مع الأغنية ليتعلم منها كيف يواجه هذه المشكلة!


وبهذا يمارس العقل هوايته المفضلة وهي: الإسقاط.


لذلك قالوا: أعطني شاشة، أعطيك شعبا.

فياترى، ما هي طبيعة الحلول التي نتعلمها من أفلامنا وأغانينا؟


لا تتخيل أنك تستطيع أن تتخلص من سيطرة هذه القصص عليك لأن هذا يحدث بشكل لا واعي، عقلك اللاواعي أو الباطن هو المسؤول عن هذه العملية، يعني أنها تتم بدون وعي منك.


لذلك كن حذرا وحافظ على عقلك، وانتق الوسائل التي تبرمجه بها، ولا تجعله عرضة لكل من أراد التحكم فيه وبرمجته بغير إرادتك.


خاصية الإسقاط لها أيضا تطبيقات مفيدة كثيرة في عالم البرمجة اللغوية العصبية والتنويم الإيحائي، ولعلنا نتعرض للمزيد عن ذلك قريبا بإذن الله.


والآن

هل تذكر بعض الأفلام أو الأغاني أو القصص التي وجدت نفسك تطبق حلولها بدون أن تلاحظ؟


0 التعليقات: